بدأ الاهتمام بعناصر البيئة في دولة الإمارات العربية المتحدة منذ تأسيسها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه-، واستمرت الجهود تتنامى برعاية المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، ومتابعة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وإخوانهم أصحاب السمو حكام الإمارات، وأبنائهم وبناتهم من المواطنين. وقد حرصت حكومة دولة الإمارات على ترسيخ مبادئ التعافي البيئي -أو ما يسمى الاستدامة- في المناهج المدرسية والجامعية والبحث العلمي، مع توجه جاد إلى ضرورة إعداد العنصر النسائي لقيادة مشروعات الاستدامة، وخاصة تلك الرامية إلى تحقيق الهدفين السادس والسابع (من الأهداف السبعة عشر التي حددتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2015)، اللذين يُعنيان بالأمن المائي، والطاقة النظيفة، وما يرتبط بهما من تطوير تكنولوجي واستراتيجي.
واتباعاً لاستراتيجيات دولة الإمارات أعدَّت المرأة الإماراتية أول خريطة أساسية للتوزيع الإشعاعي الطبيعي في خزانات المياه الجوفية، بما يسمح للمؤسسات بمتابعة تغير التركيزات الإشعاعية زمنيّاً، وتحديد الأسباب التي تقف وراء ذلك، سواء كانت من مصادر طبيعية، أو أنشطة بشرية، وهو ما يدعم اتخاذ قرارات معالجة الخزانات وتعافيها بأكثر الطرق الممكنة فاعليَّة. وكانت دراسة التوزيع الإشعاعي في الخزانات الجوفية نابعة من مبدأ «اليوم للغد»، إذ تُعد الدراسات الأساسية المستندة إلى بيانات صحيحة أمراً ضروريّاً لمواجهة المشكلات البيئية الطارئة مستقبلاً، وخاصة فيما يتعلق بالموارد الطبيعية والمياه والتربة والهواء، التي تُوصف بأنها أعمدة الاستدامة والمرونة في التعافي البيئي.
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة تولي المرأة الأمن المائي اهتماماً خاصّاً، نظراً إلى اتصاله بالأمن الغذائي والمنظومة الصحية والتطور الصناعي في آن واحدٍ معاً. وقد تعلمت المرأة الإماراتية من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية (أم الإمارات) -حفظها الله- قوة المتابعة في مجالات متوازية عدَّة في الوقت نفسه، فسنحت لها الفرصة لتوليد أفكار مبتكرة، وتجريبها عن طريق البحث العلمي، وذلك لحل المشكلات المحتملة في مجال الأمن المائي بما يتماشى مع المستجدات المتعلقة بالتغير المناخي، وكذلك منظومة الحياة البشرية الحالية. وبفضل توجيهات الحكومة الإماراتية تمكنت المرأة من اكتساب الخبرات المتنوعة في إدارة موارد المياه، عبر منهجية التطوير المهني، التي تدعمها الدولة بشكل كامل ويسير، فترى المرأة الإماراتية في المحافل المحلية والدولية تشارك وتتعلم وتتبادل الخبرات، ما ينعكس على أدائها ودورها في بلوغ أهداف الاستدامة، ولا سيما الهدف السادس.
وكذلك تحرص المرأة الإماراتية على توجيه الجيل الناشئ، وتغذيته بمبادئ الهوية الوطنية، والعمل على ازدهار الوطن، واستدامة أمنه المائي والطاقي والاقتصادي، عن طريق تدعيم المبادئ العلمية والبحثية والأخلاقيات المهنية، وهو الواجب الذي تحمله كل امرأة إماراتية على عاتقها، وتضعه ضمن أولويات أهدافها، لترد جزءاً من عطاء هذا الوطن الآمن الكريم.

*أستاذ مشارك في قسم علوم الأرض-مدير المركز الوطني للمياه والطاقة، جامعة الإمارات العربية المتحدة.